ميما مشرفة
عدد الرسائل : 58 البلد : الجزائر الجنس : أنثى البلد : الجزائر . : دعاء : تاريخ التسجيل : 26/03/2009
| موضوع: حكاية سامح الثلاثاء أبريل 07, 2009 1:39 am | |
| حكاية سامح | | <table class=img-table id=table7 cellSpacing=9 cellPadding=0 width=1 align=left><tr><td class=img-td>
</TD></TR></TABLE>
اعتاد سامح أن يرافق أباه في معظم أعماله داخل المدينة منذ أن أصبح قادراً على المشي.. والحقيقة أنّ الأب قد عبر عن ندمه مرّات كثيرة أمام أصدقائه لأنّه عوّد سامح الصغير هذه العادة السيّئة، ولكن ما العمل؟ لقد كان سامح ولداً لطيفاً، قليل الكلام، يتأمّل وجوه أصدقاء والده الذين يصادفانهم هنا وهناك، ويبتسم لهم حينما يداعبون شعره سائلين: هذا القمر ابنك؟؟ -أجل.. إنّه سامح..! -ما شاء الله..! إنه ولد لطيف..! والحقيقة أنّ والد سامح لم يكن رجلاً قليل الأعمال، فهو مقاول ناجح يحتاج معظم أوقات النهار أن يبقى خارج المنزل، يشرف على المشاريع والورشات التي يديرها، ويذهب إلى المصرف ليسحب مالاً، كي يسدد رواتب العمّال والموظفين في مشاريعه.. كلّ هذه الأعمال وغيرها كان الأب ينجزها بينما سامح الصغير يرافقه هادئاً، لا يطلب شيئاً، ولا يشغل بال أبيه أبداً، حتى كأنَّه غير موجود.. وهذا ما شجّع الأب على القبول بمرافقته الدائمة ما دام ابنه لا يلهيه عن التفكير في شؤونه.. أحياناً كان الأب يسأل ابنه الصغير: لو أنّك الآن في المنزل.. مع أمّك.. وأختك.. ومع الجدّة.. نعم الجدَّة..!! هل مللتَ حكاياتها..؟؟ ولم يكن الجواب سهلاً.. يحكّ سامر رأسه الأشقر الجميل وينظر طويلاً إلى أصابعه النظيفة قبل أن يقول: لا يجب أن أبقى في البيت... أبداً.. أبداً -ولم يا أخي... (يسأله الأب) -كيف أبقى وحيداً مع هؤلاء النسوة..؟؟ أنا أريد أن أبقى معك.. نذهب معاً.. ونعود معاً، ثم كيف يمكن أن أتركك وحدك في هذا العمل الكثير..؟ وقريباً سأذهب إلى المدرسة.. عندها لن أضايقك أبداً..!! يضحك الأب ويضمّ ابنه إليه، يقبّله وهو يقول: لا بأس.. على كلّ حال أنت رفيق جيّد.. وأنا لا أملّ من رفقتك أبداً..!! هل تملّ أنت؟؟ -أبداً.. أبداً.. لذلك تراني معك دائماً..!.. ويضحكان وهما يتجهان إلى المصرف لسحب مبلغ من المال. أمام كوّة المحاسب وقف الأب يتناول رزم النقود، يعدّها على مهل، ثم يلقيها في محفظة وضعها على الأرض قربه، وجانبه وقف سامر يتأمّله صامتاً كعادته.. بدا الأب منهمكاً في عدّ النقود، وها هي الرزم تتساقط في المحفظة واحدة بعد الأخرى.. عندها انحنى سامح فوقها بحركة مفاجئة، فزجره أبوه بحركة من يده.. تراجع لحظة ثم عاد ينحني فوق المحفظة ثانية وثالثة وفي كلّ مرّة يزجره أبوه بحركة من يده..!! نفد صبر الأب المنشغل بالعدّ، فأمسك رزمة من النقود.. قدّمها إلى سامح وهو يقول منزعجاً: خذ يا أخي.. لكن لا تشغلني..!! لكنّ الولد لم يمسك النقود، فلم يكن هذا ما يريده، تابع بحثه في قعر المحفظة حتى وجد ربطة المطاط التي انفلتت من إحدى الرزم.. تناولها.. وابتعد. |
| |
|