المذهب الحنبلي :التعريف :
وهو أقل المذاهب الاسلامية سعة وانتشاراً ، ويتبني علىآراء الامام احمد بن حنبل الفقهية والعقائدية والسياسية ، تبلور مذهباً في أواخرالقرن الثالث الهجري اهم افكاره إغلاق باب الاجتهاد ، وعدم تجويز الخروج على الحاكموإن كان ظالماً جائراً.
عوامل النشوء :
ـ العامل السياسي المتمثل بدعم الحاكم العباسي لهذا المذهبالجديد ، الذي يخالف جملة وتفصيلاً مواقف ائمة أهل البيت (ع) وشيعتهم من الحكامالجائرين ، فقد مهدوا لنشوء مثل هذه المناهج التي تعطيهم مبرراً شرعياً للحكم كمايخالف تماماً مذهب المعتزلة.
ـ الفتاوىوالآراء التي اتى بها احمد بن حنبل ، والتي تنسجم مع توجهات الحكم القائم ، كقولهبأن العم يرث دون البنت أو ابن العم ، دعماً لدعوى العباسيين في أن العباس بن عبدالمطلب هو الذي ورث النبي (ص).
ـ محاولة الحكمالعباسي في ايجاد ثقل يقف في مواجهة الوجود الشيعي ، الامر الذي دفع بالعباسيين الىترويج مصطلح اهل السنة في مقابل الشيعة ، وجدير بالذكر ان هذا الاسم الجديد لم يظهرالى حيز الوجود الا في العصر العباسي الاول.
ـطريقة الترويج الاعلامي اللامشروع التي اعتمدها العباسيون والتي تجسدت في وضعالاحاديث الكاذبة وتناقل المنامات المفتعلة التي تشيد بمكانة احمد بن حنبل.
النشأة والتطور :
ـ أسس احمد بن حنبل مذهبه بعد خروجه من السجن في ايامالمعتصم العباسي ، وذلك على اثر قضية خلق القرآن، ثم تطورت معالم هذا المذهب علىأيدي تلاميذه من بعده.
وجاء المتوكل للحكمفقرب احمد بن حنبل كثيراً ، واعطاه مطلق الحرية في ابداء آرائه التي يصب معظمها فيخدمة نظام الحكم العباسي ـ فاغدق عليه العطاء لينفق على طلابه الذين كثر عددهم بسببذلك.
ـ رحلات احمد بن حنبل بين عدد من المدنالاسلامية ساعد على رواج مذهبه.
ـ تولى ابنهصالح القضاء في أصبهان ، مما ساهم في نشر افكار المذهب الجديد.
ـ حرب المتوكل العباسي للشيعة والمعتزلة ، وأمره قضاتهعلى المدينة وغيرها باخراج اصحاب ابي حنيفة والشافعي من المسجد ، فخلا الجو لأحمدبن حنبل بنشر آرائه.
ـ في عام ( 381 هـ ) تبلورت آراؤه مذهباً له اصول ومعالم واضحة ، وذلك عندما أمر القادر بالله العباسيأربعة من فقهاء المذاهب الاربعة أن يصنف كل منهم مختصراً على مذهبه.
ـ في عام ( 645 هـ ) صدر أمر عن المستعصم لأساتذةالمدرسة المستنصرية بأن لا يتعدوا كلام السابقين.
ـ وفي عام ( 665 هـ) أمر الملك الظاهر أحد ملوكالمماليك بمصر بغلق باب الاجتهاد ، فتوقف الاجتهاد عندهم منذ ذلك الحين.
ـ اتسعت رقعة هذا المذهب بشكل كبير على يد ابن تيمية ،الذي عمل لنشره في الشام ومصر.
ـ ولد المذهبالحنبلي من جديد على يد محمد بن عبدالوهاب في نجد والجزيرة العربية. الافكار والمعتقدات :
ـ يقولون بالتجسيم ، ويدعون أن لله تعالى يداً ورجلاً ووجها.
ـ يقولون بعدم الحاجة الى العقل في الاعتقادات ، بل تكفي الآيات و الروايات في ذلك.
ـ اجازوا للمكلف ان يقلد في الاصول.
ـ يعتقدون بأن القرآن الكريم غير مخلوق.
ـ يقسمون الايمان الى قول وعمل ، ومرتكب الكبيرة في نظرهم خارج من الايمان ، واذا تاب عاد الى ايمانه.
ـ لا يكفرون مرتكب الكبيرة مادام موحداً.
ـ يعتقدون بأن قلوب العباد بين اصبعين من أصابع الرحمن ، يقلبها كيف يشاء ويودعها ماأراد.
ـ لاتجوز الامامة في نظرهم الا في القرشي وان كان ظالماً فاسقاً.
ـ الخلفاء الراشدون مرتبون في الفضل حسب ترتيـبهم في الخلافة.
ـ من سب الخلفاء الراشدين فهو كافر ، وكذلك من سب عائشة.
ـ عدم جواز الخروج على الحاكم الجائر.
ـ يؤمنون بعدالة الصحابة حتى من اشتهر منهم بالفسق والظلم.
ـ جوزوا المسح على العمامة و الجورب وقالوا بجواز الجمع بين الصلاتين في اماكن مشهورة وقالوا ان مني الآدمي ومني مايؤكل لحمه طاهر.
ـ جوزوا الوضوء بكل مايسمى ماء ، مطلقا كان او مضافاً.
ـ يرجعون في استنباطهم الشرعي الى النص والاجماع وفتوى الصحابة ، وإن اختلفوا اختير مايوافق الكتاب والسنة. وهم يأخذون بالاحاديث الضعيفة و المرسلة ، ويعتمدون القياس والاستحسان في بعض الحالات.ـ يعتقدون بأن الله تعالى يخرج قوماً من أهل النار بيده في يوم القيامة.
ـ يعتقدون بأن الموت يذبح يوم القيامة بين الجنة والنار.
ـ يعتقدون بأن الحوض حق ترده أمة محمد (ص) و له آنية يشربون بها.
ـ حرموا زيارة القبور والتوسل بالاولياء.
ـ يجيزون صلاة الجمعة قبل الزوال.
ـ يجيزون قتل من ترك الصلاة تهاوناً غير جاحد لها ، و يعتقدون بأنه مشرك ويدفن في مقابر المشركين.
ــ طواف الحائض جائز إذا لم يمكنها الطواف حال طهرها ، ولاشيء عليها.
يجوز جلوس المأمومين فـي الصلاة مع عدم عجزهم عن القيام ، اذا كان الامام جالساً بسبب عدم قدرته على القيام.
أبرز الشخصيات :
1 ـ احمد بن حنبل الشيباني المروزي ( 164 ـ 241 هـ ).
2 ـ صالح بن احمد بن حنبل ( 203 ـ 266 ).
ـ عبدالله بن احمد بن حنبل.
4 ـ ابن تيمية ( 661 ـ 728 هـ ).
5 ـ ابن قيم الجوزية ( 691 ـ 751 هـ ).
6 ـ القاضي أبو يعلى بن الفراء ( 380 ـ 458 هـ ).
الانتشار ومواقع النفوذ :
لم ينتشر المذهب الحنبلي كغيره من المذاهب ، لأنه ظهر بعد أن اجتاحت المذاهب الثلاثة الاخرى معظم الامصار ، وكان ، قضاتهم دور كبير في تحجيم نشر المذهب. هذا مضافاً الى اساليب القوة التي اتبعها الحنابلة. وينتشر المذهب الآن في الحجاز بفعل الوهابيين الذين هم في الحقيقة صورة ثانية للمذهب الحنبلي ، فهم يؤلفون نصف السكان ، وفي بلاد الشام يؤلف الحنابلة ربع السكان. وللمذهب اتباع قليلون في ايران والعراق والخليج ومصر. وقد جاء في إحصائية ( 1906 م ) أنه كان من أتباع المذهب الحنبلي في الازهر (3) شيوخ و (2 طالباً فقط من مجموع (312 ) شيخاً و (9069 ) طالباً.
أحداث ووقائع :
1 ـ كان للحنابلة في بغداد في القرن الرابع الهجري نفوذ وسطوة ، فاستغلوا نفوذهم في مناصرة مذهبهم ، واصبحوا يتعرضون بعنف لكل من يخالف آراءهم فاسرفوا في طغيانهم الى درجة ان آذوا الناس اشد الايذاء واحدثوا في بغداد شغبا واضحا مما أوغر صدور الحكام، فخرج التوقيع من جهة الخليفة العباسي الراضي بالله بالاستـنكار لاعمالهم ، وفي سنة ( 443 هـ ) وقعت الحرب بين الشيعة والحنابلة وقتل منهما خلق كثير، وذلك على اثر نصب الشيعة ابراجا كتبوا عليها ( محمد و علي خير البشر ) فانكر الحنابلة ذلك ونشبت الحرب بينهم. وفي يوم كان الحنابلة قد عادوا من تشييع رجلٍ منهم ودفنه ، فهجموا على مرقد الامامين موسى بن جعفر ومحمد الجواد ( عليهما السلام ) فنهبوهما وسرقوا مافيهما من قناديل الذهب والفضة.
2 ـ كما هدم المقتدر بالله مسجد براثا بعد ان اوشى الحنابلة على الشيعة الذين فيه.
3 ـ اختلف الحنابلة مع طائفة من العامة في تفسير قوله تعالى ( عسى ان يبعثك ربك مقاماً محموداً ) ، فقال الحنابلة : ( يجلسه معه على العرش ) وقال الاخرون : ( بل المراد من ذلك هي الشفاعة العظمى ) فاقتتلوا بسبب ذلك.
4 ـ وقعت بين الحنابلة والشافعية فتنة في بغداد ، على أثر انكار ابي يعلى بن الفراء وابن التميمي للجهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم ) ، ومنعوا الترجيع في الأذان ، والقنوت في الفجر ، فجاء الحنابلة الى باب الشعير ، ونهوا إمامه عن الجهر بالبسملة، فأخرج لهم مصحفاً وقال : ( أزيلوها من المصحف حتى لا أتلوها ).
5 ـ وفي القرن الثامن الهجري شجع الملك المعظم على الانتماء الى المذهب الحنفي ، فترك قسم من الحنابلة مذهبهم ، ومنهم يوسف بن فرغلي سبط ابي الفرج بن الجوزي ، فأصبح من المقربين للملك.